[:ar]
أولا : الخطابة :
لقد نهضت الخطابة في صدر الإسلام نهضة عظيمة ، فَعَلا شأنها ، وارتفع قدرها، وتبوأت مكانة عليا بين فنون القول وألوان البيان ؛ فقد فتح الإسلام أمام الخطابة مجالات عديدة ، فارتفعت رايتها في الجمع والأعياد ، وفي مجالس الصلح والنكاح ، وسائر الجوانب الدينية والوطنية والاجتماعية .
ولم يقف تقدير الإسلام للخطابة عند توسيع نطاقها ، إنما أضفى عليها شيئًا من القداسة ، وجعلها داخلة في كثير مـن العبادات ، وندب الناسَ إلى سماعها والإنصات إليها ، فقال (صلى الله عليه وسلم) :”لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ([1])، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ ، فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ، ثُمَّ يُصَلِّى مَا كُتِبَ لَهُ ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى“ ([2]).
وقد حذر النبي (صلى الله عليه وسلم) تحذيرًا شديدًا من الكلام في أثناء خطبة الجمعة ولو كان طلبًا للإنصات ، فقال (صلى الله عليه وسلم) :” إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ ، فَقَدْ لَغَوْتَ “([3]).
([1]) قوله: “يدهن” المراد به إزالة شعث الشعر به، وفيه إشارة إلى التزين يوم الجمعة.
([2]) صحيح البخاري ، كتاب الجمعة ، باب الدُّهْنِ لِلْجُمُعَةِ ، حديث رقم 883 .
([3]) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب الإِنْصَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، حديث 934.
____________________________(73)_____________________________
وقال ابن حجر: ويدل على وجوب الإنصات حديث علي (رضي الله عنه) : ” وَإِنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فِيهِ مِنَ الاِسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ فَلَغَا وَلَمْ يُنْصِتْ كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنْ وِزْرٍ ، وَمَنْ قَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِصَاحِبِهِ : صَهْ ، فَقَدْ لَغَا وَمَنْ لَغَا فَلَيْسَ لَهُ فِى جُمُعَتِهِ تِلْكَ شَيْءٌ ([1]) ؛ لأن الوزر لا يترتب على من فعل مباحا ولو كان مكروهًا كراهة تنزيه([2]).
ولنأخذ أنموذجًا من خطبه (صلى الله عليه وسلم) وهو في حجة الوداع ، حيث خطب (صلى الله عليه وسلم) في الناس في ذلكم المشهد الجامع المهيب ، فقال : الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أوصيكم عباد الله بتقوى الله ، وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هوخير.
أما بعد :
أيها الناس: اسمعوا مني أبين لكم ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا .
([1]) سنن أبي داود ، كتاب الصلاة ، باب فَضْلِ الْجُمُعَةِ ، حديث رقم 1053 ، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني 3/271، باب المنع من الكلام والإمام يخطب .
([2]) فتح الباري لابن حجر ، ج 2/ص 415.
____________________________(74)______________________________
أيها الناس :
إن دماء كم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلَّغتُ؟ اللهم اشهد ، فمن كانت عنده أمانة فليؤدِّها إلى الذى ائتمنه عليها ، وإن ربا الجاهلية موضوع ، وإن أول ربا أبدأ به ربا عمِّي العباس بن عبد المطلب ، وإنَّ مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة ([1]) ، والسقاية ، والعمد والقود([2]) ، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر ، وفيه مائة بعير ، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية .
أيها الناس:
إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه ، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم ، فاحذروه على دينكم .
أيها الناس :
“إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ الله فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ الله زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَالله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ” ([3])، يحرموا ما أحل الله وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض” إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ الله اثْنَا عَشَرَ
([1]) السدانة: خدمة الكعبة.
([2]) العمد : القتل المتعمد – والقود : القصاص ، قتل القاتل بالقتيل.
([3]) سورة التوبة : 37.
___________________________(75)_____________________________
شَهْرًا فِي كِتَابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ “([1]) ، ثلاثة متوالية ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد .
أيها الناس :
إن لنسائكم عليكم حقًّا ، ولكم عليهن حق، لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم غيركم ، ولا يدخلن أحدًا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ، ولا يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن([2]) ، وتهجروهن في المضاجع ، وتضربوهن ضربًا غير مبرح ، فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وإنما النساء عندكم عوان ([3]) لا يملكن لأنفسهن شيئًا ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرًا ، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
أيها الناس :
إنما المؤمنون إخوة ، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه ، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد ، فلا ترجعن بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي ، كتاب الله وسنتي ، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد .
([1]) سورة التوبة : 36.
([2]) تعضلوهن : تضيقوا عليهن.
([3]) عوان : جمع عانية ، وهى الأسيرة ، أي : هن عندكم بمنزلة الأسرى .
____________________________(76)_____________________________
أيها الناس:
إن ر بكم واحد ، وإن أباكم واحد ، كلُّكم لآدم وآدم من تراب ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير ، وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى ، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد! قالوا : نعم ، قال : فليبلغ الشاهد الغائب.
أيها الناس:
إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ، فلا يجوز لوارث وصية ، ولا تجوز وصية في أكثر من الثلث ، والولد للفراش وللعاهر الحجر ، من ادعى إلى غير أبيه ، أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل ([1])، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته([2]).
وقفة مع هذه الخطبة الجامعة :
لقد وقف النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الموقف العظيم ليعلن في هذه الخطبة الجامعة – التي هي أشبه ما تكون بوصايا مودع – عن طائفة من التشريعات الإسلامية العظيمة ، والتي كان من أهمها:
([1]) لا يقبل منه صرف ولا عدل: أى لا يقبل منه شيء ، وأصل العدل أن يقتل الرجل بالرجل، والصرف أن ينصرف الدم إلى أخذ الدية.
([2]) الخطبة فى البيان والتبيين ، ج 2/ ص 31 ، وتاريخ الطبري ، ج 3/ص 150، والسيرة النبوية لابن هشام ج 2 /ص 447.
____________________________(77)___________________________
1- حرمة الدماء والأموال :
لم يكد النبي (صلى الله عليه وسلم) يلم بالحمد والشهادة والوصية بالتقوى حتى أعلن عـن حرمة الدماء والأموال ، فدماء المسلمين وأموالهم حرام كحرمة يوم عرفة في هذا الشهر الحرام ( شهر ذي الحجة ) في هذا البلد الحرام (مكة المكرمة).
ولم يكتف (صلى الله عليه وسلم) بهذا التأكيد فعاد في آخر خطبته ليؤكد هـذا الأمر مرة أخرى ، إذ يقول: “ولا يحل لامرئ مسلم مال أخيه إلا عن طيب نفس منه“،“فلا تَرْجِعُنَّ بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض“.
وقد أسقط النبي (صلى الله عليه وسلم) ربا الجاهلية ، وبدأ بأقرب الموسـرين إليه العباس بن عبد المطلب ، حيث قال : “وأول ربا أضع ربا عمي العباس بن عبد المطلب” ، وأسقط دماء الجاهلية وبدأ بأقرب الدماء إليه ،” أول دم أضع دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب”.
وبذلك ندرك البون الشاسع بين المنهاج النبوي الذي يبدأ فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم) بنفسه وأقرب الناس إليه – حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعـت يدها” ([1]) – وبين كثير ممن تتملكهم المحابـاة والمجاملة فإذا سرق فيهم
[1])) صحيح البخاري ، كتاب المغازي ، باب مَقَامُ النَّبِي (صلى الله عليه وسلم ) بِمَكَّةَ زَمَنَ الْفَتْحِ ، حديث رقم 4304 .
____________________________(78)_____________________________
الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، إنه الفارق العظيم بين عدالة السماء وطغيان البشر.
2- التحذير من التلاعب بالأشهر الحرام :
فقد كان العرب إذا جاء شهر حرام وهم محاربون أحلوه وحرمـوا مكانه شهرًا آخر، فيستحلون المحرم ويحرمــون صفرًا ، فإن احتـاجوا – أيضًا- أحلوه وحرموا ربيعًا الأول، وهكذا كانوا يعملون حتى استدار التحريم علـى السنة كلها ([1]).
وقيل: إن المشركين كانوا يحسبون السنة اثني عشر شهرًا وخمسة عشر يومًا ، فكان الحج في رمضان، وفي شوال ، وفي ذي القعـدة ، وفي كـل شهر مـن السنة ، وذلك بحكم استدارة الشهر بسبب زيادة الخمسة عشر يومًا.
وكان حج أبي بكر في السنة التاسعة من الهجرة واقعًا في شهر ذي القعدة بسبب ذلك ، فلما حج النبي (صلى الله عليه وسلم) وافق حجه ذا الحجة في العشر الأول منه ، فأعلن (صلى الله عليه وسلم) نسخ الحساب الـذي كانوا يحسبون به الزمن ، وأكد أن السنة إنما هي اثنا عشر شهرا فقط ، فلا تداخل بعد اليوم : يوم عرفة الذي حج فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ([2]).
([1]) روح المعاني للألوسي جـ 10 ص 93.
([2]) انظر: تفسير القرطبي جـ 8 ص 137، 138، وفقه السيرة لمحمد سعيد البوطي ص 343 ط دار الفكر عام 1978م.
___________________________(79)______________________________
قال القرطبي: ” وهـذا القول أشبه بقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : “ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ الله السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ..”([1]) أي : إن زمان الحج قد عاد إلى وقته الأصلي الذي عينه الله يوم خلق السماوات والأرض([2]).
3- الوصايا بالنساء :
أوصى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالنساء خيرًا ، وأكد في كلمة موجزة جامعة القضاء على الظلم الذي كان يقع على المرأة في الجاهلية ، وحفظ لها حقوقها وكرامتها الإنسانية التي تضمنتها أحكام الشريعة الإسلامية.
ولقد كانت هذه الحقيقة جديرة بتأكيـد الوصية بـها بسبب مـن كانوا حديثي عهد بالإسلام قريبي عهد بتقاليدهم الجاهلية الـتي تقضي بإهمال شئون المرأة وعدم الاعتراف لها بأي حق([3]) ، فوضع النبي (صلى الله عليه وسلم) – لهـم وللناس جميعًا إلى أن تقوم الساعة – ما للمرأة من حقوق، وما عليها من الواجبات.
[1])) صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، باب قَوْلِهِ { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ }، حديث رقم 4662 .
([2]) تفسير القرطبي جـ 8 /ص 138.
([3]) فقه السيرة للبوطي ص 344.
_____________________________(80)___________________________
4- تقرير مبدأ الأخوة والمساواة :
أكد النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الناس سواسية كأسنان المشط ، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى ، فلا فضل للون أو جنس ، ولا مزية لوطن أو لغة ، إنما هو مقياس واحد تتحدد به القيم ، ويعرف به فضل الناس جميعًا وهو قوله تعالى : “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ” ([1]).
كما أكدت الخطبة على ضرورة الالتزام بمنهج الله وإعطاء كل وارث حقه وأنه لا وصية لوارث ، وأن الوصية لا تجوز فيما زاد علـى الثلث ، وأن الولد للفراش وللعاهر الحجر …. إلخ .
وهذه الخطبة صورت في دقة بالغة حس منطق الرسـول (صلى الله عليه وسلم) في خطبته ، وأنه لم يكن يستعين فيها بسجع متكلـف ولا بلفظ غريب ، فقد كـان يكره اللونين جميعًا من الكلام ، لما يدلان عليه من التكلف ، وقد برأه الله تعالى منه ، إذ يقول في كتابه العزيز على لسانه (صلى الله عليه وسلم) : ” قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ”([2])…
([1]) سورة الحجرات : 13.
([2]) سورة ص : 86 ، وانظر : العصر الإسلامي د/ شوقي ضيف ص 120.
________________________(81)____________________________
ثانيًا : الموعظة :
إذا كان وقت الخطابة وزمانها محددًا بوقته المحدد ، فإن وقت الموعظة أكثر سعة ورحابة ، وقد كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يعظُ أصحابَه ويتعهدهم بها ، ولا يكثر عليهم في ذلك خشية السآمة عليهم ، فعن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال : “كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يَتَخَوّلنا بالموعظة في الأيام ، كراهة السآمة علينا ” ([1]) .
وعن تأثير موعظة النبي (صلى الله عليه وسلم) في نفوس الصحابة (رضي الله عنهم) يحدثنا سيدنا حنظلة بن الربيع (رضي الله عنه) به ؛ حيث قال : نَكونُ عندَ رسولِ الله (صلَّى الله علَيهِ وسلَّمَ) يذَكِّرُنا بالنَّارِ والجنَّةِ كأنَّا رأيَ عينٍ ، فإذا رجَعنا إلى الأزواجِ والضَّيعةُ نسينا كثيرًا ، قال : فوالله إنَّا لكذلِكَ ، انطلِقْ بنا إلى رسولِ الله (صلَّى الله عليه وسلَّمَ) فانطلقْنا ، فلما رآهُ رسولُ الله (صلَّى الله علَيهِ وسلَّمَ) قالَ : ما لَكَ يا حنظلةُ ؟ قالَ : نافقَ حنظلةُ يا رسولَ الله ، نَكونُ عندَكَ تُذَكِّرُنا بالنَّارِ والجنَّةِ كأنَّا رأيَ عينٍ ، فَإِذَا رجَعنا عافَسنا الأزواجَ والضَّيعةَ ونسينا كثيرًا ، قالَ : فقالَ رسولُ الله (صلَّى الله علَيهِ وسلَّمَ) :” لَو تدومونَ على الحالِ الَّتي تقومونَ بِها من عندي
([1]) صحيح البخاري ، كتاب العلم ، باب مَا كَانَ النَّبِي (صلى الله عليه وسلم) يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعِلْمِ كَي لاَ يَنْفِرُوا ، حديث رقم 68.
____________________________(82)___________________________
لصافحَتكمُ الملائِكَةُ في مجالسِكُم ، وفي طرقِكُم ، وعلى فُرُشِكُم ، ولَكِن يا حنظلةُ ساعةً وساعةً ساعةً وساعةً“([1]).
وعن العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ ، قَالَ : وَعَظَنَا رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَوْمًا بَعْدَ صَلاةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ ، فَقَالَ رَجُلٌ : إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ : “أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّهَا ضَلالَةٌ؛ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ“([2]).
ثالثًا الوصايا :
كما كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتعهد أصحابه بالموعظة العامة، كان يتعهدهم بالوصايا العامة والخاصة ، ومن الوصايا العامة قوله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه :” أُوصِيكُمْ بِتَقْوى الله ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وإِنْ تَأَمَّر عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حبشيٌ ، وَأَنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيرى اخْتِلافًا كثِيرًا ،
[1])) صحيح مسلم ، كتاب التوبة ، باب فَضْلِ دَوَامِ الذِّكْرِ وَالْفِكْرِ فِي أُمُورِ الآخِرَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَجَوَازِ تَرْكِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ وَالاِشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا ، رقم 7142.
[2])) سنن الترمذي ، كتاب العلم ، باب مَا جَاءَ فِي الأَخْذِ بِالسُّنَّةِ وَاجْتِنَابِ الْبِدَعِ ، حديث رقم 2891 .
__________________________(83)______________________________
فَعَلَيْكُمْ بسُنَّتي وَسُنَّةِ الْخُلُفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عضُّوا عَلَيْهَا بالنَّواجِذِ، وإِيَّاكُمْ ومُحْدثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضلالَةٌ “([1]) .
ومن وصاياه (صلى الله عليه وسلم) العامة وصيته بالجار ، فعن أبي أمامة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ” أُوصِيكُمْ بِالْجَار”([2]) ، ووصيته (صلى الله عليه وسلم) بالنساء ، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ” اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا “([3]) .
ومن وصاياه (صلى الله عليه وسلم) الخاصة ما روي عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : “أوصاني خليلي (صلى الله عليه وسلم) بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وأن أُوتر قبل أن أنام”([4]).
[1])) سنن ابن ماجه، كتاب أبواب السنة، بَابُ اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، حديث رقم 42.
[2])) المعجم الكبير للطبراني ، ج 7 /ص 117، حديث رقم 7399 . وأصل المتن متفق عليه بلفظ: “مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ”، صحيح البخاري ، كتاب الأدب ، باب الْوَصَاةِ بِالْجَارِ ، حديث رقم 2891. وصحيح مسلم ، كتاب البر والصلة والآدب ، باب الْوَصِيَّةِ بِالْجَارِ وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِ ، حديث رقم 6852 .
[3])) متفق عليه: صحيح البخاري ، كتاب أحاديث الأنبياء ، بَابُ خَلْقِ آدَمَ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ وَذُرِّيَّتِهِ، حديث رقم 3331 ، وصحيح مسلم ، كتاب الرضاع ، باب الْوَصِيَّةِ بِالنِّسَاءِ ، حديث رقم 3720 .
[4])) صحيح البخاري ، كتاب الصوم ، باب صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْـرَةَ وَخَمْسَ عَشْـرَةَ ، حديث رقم 1981 .
_________________________(84)____________________________
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رجلًا قال للنبي (صلى الله عليه وسلم) : أوصني ، قال : “لاَ تَغْضَبْ” فَرَدَّدَ مِرَارًا ، قَالَ:”لاَ تَغْضَبْ”([1]).
ومنهـا وصيته (صلى الله عليه وسلم) لسيـدنـا معـاذ (رضي الله عنـه) : “ يَا مُعَاذُ والله إِنِّي لأُحِبُّكَ ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعاذُ لاَ تَدَعنَّ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تَقُولُ: اللهم أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وحُسنِ عِبَادتِك “([2]).
ومنها وصيته (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا أبي ذر (رضي الله عنه) قال:”.. قُلْتُ يَا رَسُولَ الله أَوْصِنِي ، قَالَ : أُوصِيكَ بِتَقْوَى الله فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ ، قُلْتُ يَا رَسُولَ الله زِدْنِي ، قَالَ: عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ الله فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ وَذُخْرٌ لك في السماء ، قلت : يَا رَسُولَ الله زِدْنِي ، قَالَ : إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ ..” ([3]).
ومنها ما روي عن جَرْمُوز الْهُجَيْمِيّ (رضي الله عنه) قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله ، أَوْصِنِي ، قَالَ : “أُوصِيكَ أَنْ لَا تَكُونَ لَعَّانًا”([4]) ، ومنها ماروي عن أبي
[1])) صحيح البخاري ، كِتَابُ الأَدَبِ ، بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الغَضَبِ وَالشِّدَّةِ لِأَمْرِ الله ، حديث رقم 6116 .
[2])) سنن أبي داود ، كتاب الوتر ، باب فِى الاِسْتِغْفَارِ ، حديث رقم 1524 .
[3])) صحيح ابن حبان ، كِتَابُ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الطَّاعَاتِ وَثَوَابِهَا ، ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ حَظٌّ رَجَاءَ التَّخَلُّصِ فِي الْعُقْبَى بِشَيْءٍ مِنْهَا ، حديث رقم 361 .
[4])) مسند أحمد ، ج 34 ، ص 278 ، حديث رقم 20678 .
(1) الأدب المفرد ، باب إماطة الأذى ، حديث رقم 228 . وبمعناه في صحيح مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب ، باب فضل إزالة الأذى عن الطريق ، حديث رقم 131 .
________________________________(85)______________________
برزة الأسلمي قال : قلت يا رسول الله دلّني على عمل يدخلني الجنة ، قال : “أمط الأذى عن طريق الناس”(1).
رابعًا : الرسائل :
ومن وسائل التواصل الدعوية (الرسائل) التي استخدمها النبي (صلى الله عليه وسلم) في مخاطبته الملوك والرؤساء ، وعن عبد الرحمن بن عبد القاريّ أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعث حاطبة بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية – يعني بكتابه معه إليه– فقبل كتابه ، وأكرم حاطبًا وأحسن نزله ، ثم سرَّحه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأهـدى له مع حاطب كسوة وبغلة بسـرجها وجـاريتين ، إحـداهمـا أم إبراهيم ، وأما الأخرى فوهبها لجهم بن قيس العبدري ، فهي أم زكريا بن جهم الذي كان خليفة لعمرو بن العاص على مصر([1]).
ومن رسائله (صلى الله عليه وسلم) :
-
رسالته (صلى الله عليه وسلم) إلى النجاشي عظيم الحبشة :
وقد حملها إليه الصحابي الجليل سيدنا عمرو بن أُمية الضمري(رضي الله عنه)، ونصها : ” بسْمِ الله الرّحْمَنِ الرّحِيمِ ، مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ الله إلَى النّجَاشِيّ
[1])) الطحاوي في مشكل الآثار : 257.
_________________________(86)_______________________________
عَظِيمِ الْحَبَشَةِ ؛ أَسْلِمْ أَنْتَ ، فَإِنّي أَحْمَدُ إلَيْكَ الله الّذِي لَا إلَهَ إلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدّوسُ السّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ، وَأَشْهَدُ أَنّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رُوحُ الله وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ الْبَتُولِ الطّيّبَةِ الْحَصِينَةِ فَحَمَلَتْ بِعِيسَى فَخَلَقَهُ الله مِنْ رُوحِهِ وَنَفَخَهُ كَمَا خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ ، وَإِنّي أَدْعُوكَ إلَى الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْمُوَالَاةِ عَلَى طَاعَتِهِ ، وَأَنْ تَتْبَعَنِي وَتُؤْمِنَ بِاَلّذِي جَاءَنِي فَإِنّي رَسُولُ الله ، وَإِنّي أَدْعُوكَ وَجُنُودَكَ إلَى الله (عَزّ وَجَلّ) وَقَدْ بَلّغْتُ وَنَصَحْت فَاقْبَلُوا نَصِيحَتِي وَالسّلَامُ عَلَى مَنْ اتّبَعَ الهدى“([1]).
-
رسالته (صلى الله عليه وسلم) للمنذر بن ساوى التميمي والي البحرين :
وقد حملها إليه الصحابي الجليل ” العلاء بن الحضرمي” (رضي الله عنه) ، وجاء فيها : ” بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى: سلام عليك ، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ، أما بعد ، فَإِنِّي أَذْكُرُ الله عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ يَنْصَحْ ، فَإِنَّمَا يَنْصَحُ لِنَفْسِهِ ، وَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ رُسُلِي ، وَيَتَّبِعْ أَمْرَهُمْ ، فَقَدْ أَطَاعَنِي ، وَمَنْ نَصَحَ لَهُمْ ، فَقَدْ نَصَحَ لِي ، وَإِنَّ رُسُلِي قَدْ أَثْنَوْا عَلَيْك خَيْرًا ، وَإِنِّي شَفَّعْتُك فِي قَوْمِك ، فَاتْرُكْ لِلْمُسْلِمِينَ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ ،
([1]) دلائل النبوة للبيهقي ، جماع أبواب المبعث ، باب ما جاء في كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى النجاشي ، حديث رقم 603 .
_____________________________(87)____________________________
وَعَفَوْتُ عَنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ ، فَاقْبَلْ مِنْهُمْ ، وَإِنَّك مَهْمَا تَصْلُحْ ، فَلَنْ نَعْزِلَك عَنْ عَمَلِك”([1]) .
-
رسالته (صلى الله عليه وسلم) للحارث الغساني ملك الحيرة:
وقد حملها إليه الصحابي الجليل ” شجاع بن وهب الأسدي” (رضي الله عنه) ، ونصها : ” من محمد رسول الله إلى الحارث بن شمر ، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله وصدق ، وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، يَبْقَى لك ملكك” ([2]) .
* * *
وفي تنوع أساليب ووسائل الدعوة ما بين الحديث الشريف ، والخطبة ، والموعظة ، والوصية ، والرسالة ، مع استخدام سائر مهارات التواصل الدعوي ما يؤكد حرص نبينا (صلى الله عليه وسلم) على إبلاغ الرسالة وأداء الأمانة ، وإقامة الحجة واضحة وبينة جلية لا لبس فيها .
وإذا كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد قال : “تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعدي أبدًا “([3]) فإن من واجبنا أن نسير على نهجه
([1]) نصب الراية لأحاديث الهداية ، لعبدالله بن يوسف أبو محمد الحنفي الزيلعي ، ط: دار الحديث ، مصر، 1357 ، تحقيق : محمد يوسف البنوري ، ج 4 / ص 501 .
([2]) المصدر السابق .
([3]) المستدرك على الصحيحين للحاكم 1/171حديث رقم (318) دار الكتب العلمية ، بيروت.
___________________________(88)___________________________
(صلى الله عليه وسلم) في البلاغ المبين بالحكمة والموعظة الحسنة ، ومن منطلق قوله تعالى : ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ”([1]) مؤمنين أن دورنا هو البلاغ المبين ، وأن أمر الهداية لله وحده ، حيث يقول سبحانه : ” إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ “([2]) ، ويقول سبحانه : ” إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ الله يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”([3]) ، ويقول سبحانه: ” لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ الله يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ الله وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ” ([4]) .
نسأل الله (عز وجل) لنا تمام الهداية والقبول والسداد والتوفيق ، وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم ، إنه نعم المولى ونعم النصير.
* * *
([1]) النحل : 125 .
([2]) الشورى : 48 .
([3]) القصص : 56 .
([4]) البقرة : 272 .
____________________________(89)_____________________________
فهرس الموضوعات
م |
الموضوع |
الصفحة |
1. |
مقدمة . |
5 |
2. |
السنة النبوية ومكانتها في التشريع . |
9 |
3. |
رسـول الإنسانية (صلى الله عليه وسلم) . |
24 |
4. |
النبي القدوة (صلى الله عليه وسلم) . |
32 |
5. |
النبي (صلى الله عليه وسلم) معلمًا ومربيًا . |
41 |
6. |
بلاغة الرسول (صلى الله عليه وسلم) . |
47 |
7. |
مهارات التواصل الدعوي في السنة النبوية المشرفة . |
61 |
8. |
أساليب التواصل الدعوي في السنة النبوية المشرفة . |
73 |
* * *
[:]