Uncategorized

[:ar] النبي القدوة ( صلى الله عليه وسلم )[:]

[:ar]

كان نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)  أحسن الناس خُلقًا ، وأصفاهم نفسًا ، وأحسنهم معاملة ، فكان نعم القدوة في حياته كلها ، حيث يقول الحق سبحانه : ” لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا”([1]).
فقد كان (صلى الله عليه وسلم) يعين أهله ويساعدهم في حاجتهم وفي شئون البيت ، تقول السيدة عائشة (رضي الله عنها) أنه (صلى الله عليه وسلم) : كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ([2]). وسأل رجل السيدة عائشة (رضي الله عنها) ما كان النبي(صلى الله عليه وسلم) يصنع في بيته؟ قالت : ” كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ “([3]) ، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما) أن النَّبِيّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ) قَالَ :” خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي”([4]) .
__________________________(32)_______________________
(1) الأحزاب : 21.
(2) مسند أحمد ، ج 54/ ص 254، حديث رقم 25645 .
(3) صحيح البخاري ، كتاب الآذان ، بَاب مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ ، حديث رقم 676 .
(4)  سنن الترمذي  ، كتاب المناقب ، باب فَضْلِ أَزْوَاجِ النَّبِي (صلى الله عليه وسلم) ، حديث رقم 4269 .
وكان (صلى الله عليه وسلم) خير الناس لأمته ، حيث يقول : ” مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ “النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ”([1]) ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا ، فَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَلْيَأْتِنِى وَأَنَا مَوْلاَهُ “([2])، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ الله مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا”([3]) ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) “أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تَلَا قَوْلَ الله (عَزَّ وَجَلَّ) فِي إِبْرَاهِيمَ : “رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ  فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”([4]) ، وَقَالَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : ” إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ “([5]) ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: ” اللهمَّ ، أُمَّتِي أُمَّتِي” وَبَكَى ، فَقَالَ الله (عَزَّ وَجَلَّ) يَا جِبْرِيلُ ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ ، وَرَبُّكَ
__________________(33)_______________________
(1) الأحزاب : 6 .                             
(2) صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، باب النَّبِي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، حديث رقم  4781 .
(3) متفق عليه واللفظ لمسلم : صحيح البخاري ، كتاب الدعوات ، باب وَلِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ ، حديث رقم 6304 . وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب اخْتِبَاءِ النَّبِي (صلى الله عليه وسلم) دَعْوَةَ الشَّفَاعَةِ لأُمَّتِهِ، حديث رقم 512 .
(4) إبراهيم : 36
 (5) المائدة : 118
أَعْلَمُ ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِمَا قَالَ ، وَهُوَ أَعْلَمُ ، فَقَالَ الله : يَا جِبْرِيلُ ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ : إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ”([1]).
وعن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) قالت: لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) طِيبَ نَفْسٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله ، ادْعُ الله لِي، فَقَالَ: ” اللهمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ ، مَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ” ، فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حَجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ ، قَالَ لَهَا رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ” أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟” فَقَالَتْ : وَمَا لِي لَا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ؟ ، فَقَالَ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ” وَالله إِنَّهَا لَدُعَائِي لِأُمَّتِي فِي كُلِّ صَلَاةٍ”([2]).
وقد كان (صلى الله عليه وسلم) أحفظ الناس للعهود ، وأوفاهم بالمواثيق , وأكثرهم أداء للأمانات ، ومن ثمة ترك الإمام علي (رضي الله عنه) ليلة الهجرة ليؤدي الأمانات لأصحابها من أهل مكة ، وهم الذين آذوه وأخرجوه وحاولوا قتله ، ولكن لم يقابل (صلى الله عليه وسلم) السيئة إلا بالتي هي أحسن .
________________________(34)___________________
([1]) صحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب دُعَاءِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) لأُمَّتِهِ وَبُكَائِهِ شَفَقَةً عَلَيْهِمْ، حديث رقم 520 .
[2])) صحيح ابن حبان ، كتاب إِخْبَارِهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَنْ مَنَاقِبِ الصحابة (رضي الله عنهم أجمعين) ، ذِكْرُ مَغْفِرَةِ الله جَلَّ وَعَلَا ذُنُوبَ عَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَمَا تَأَخَّرَ ، حديث رقم 7111 .
فوفاؤه (صلى الله عليه وسلم) كان مضرب المثل في جميع جوانب حياته، ومن ذلك وفاؤه لوطنه ، فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحب وطنه مكة حبَّا جمًّا ، فلما خرج (صلى الله عليه وسلم) من مكة نظر إليها نظرة المحب الوفي ، وودِّعها ، وهو يقول : “والله إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ الله ، وَأَحَبُّ أَرْضِ الله إلى الله ، ولولا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ”([1]) ، ولما عاد إليها بعد سنوات دخلها فاتحًا ، فرحًا ، وعفا عن أهلها برغم ما فعلوه معه ، وكان (صلى الله عليه وسلم) يحبُّ عائشةَ ، ويحبُّ أَبَاهَا ، ويحبُّ أسامةَ ، ويحب سبطَيْه ، ويحب الحلواء والعسل ، ويحب جبل أُحُدٍ ، ويحب وطنه”([2])، وقال عبد الملك بن قرَيْبٍ الأصمعي : إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده ، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه ، وتشوُّقه إلى أهله ، وبكائه على ما مضى من زمانه ([3]).
_____________________(35)_______________________
[1])) سنن الترمذي ، كتاب المناقب ، باب في فَضْلِ مَكَّةَ ، حديث رقم: 4304 . وسنن ابن ماجه في أبواب المناسك ، باب فضل مكة ، حديث رقم 3227 .
([2]) سير أعلام النبلاء ، لشمس الدين الذهبي ، ج 15/ ص 394 ، ترجمة رقم  216 ، ط: مؤسسة الرسالة، بيروت .
([3]) كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني ، ط: دار إحياء التراث العربي ، ج 1/ ص 347, والآداب الشرعية لعبد الله محمد بن مفلح المقدسي ، ج 1 / ص 292، تحقيق:  شعيب الأرناؤوط – عمر القيَّام . ط : مؤسسة الرسالة .
ومن وفائه لأعدائه ما روي عن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنهما) قال: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلاَّ أَنِّى خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِى حُسَيْلٌ قَالَ : فَأَخَذَنَا كُفَّـارُ قُرَيْشٍ ، قَالُـوا : إِنَّكُـمْ تُرِيـدُونَ مُحَـمَّدًا ، فَقُـلْنَا : مَا نُرِيدُهُ ، مَـا نُرِيـدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ الله وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ  إِلَى الْمَدِينَةِ وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ الله (صلى الله عليه وسلم) فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ: انْصَرِفَا نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ الله عَلَيْهِمْ”([1]) .
ومن مواقفه (صلى الله عليه وسلم) في الوفاء ما روي عنِ أبي رافعٍ أنه قالَ بعثتني قريشٌ إلى رسولِ الله (صلَّى الله علَيهِ وسلَّمَ) فلَمَّا رَأيتُ رسولَ الله (صلَّى الله علَيهِ وسلَّمَ) أُلْقيَ في قَلبي الإسلامُ ، فقُلتُ : يا رسولَ الله إنِّي والله لا أرجعُ إليهِم أبدًا ، فقالَ رسولُ الله (صلَّى الله علَيهِ وسلَّمَ) : “إنِّي لا أخيسُ بالعَهْدِ ولا أحبسُ البُرُدَ ، ولَكِنِ ارجِع ، فإن كانَ في نفسِكَ الَّذي في نَفسِكَ الآنَ فارجِعْ”، قالَ : فذَهَبتُ ، ثمَّ أتيتُ النَّبيَّ (صلَّى الله علَيهِ وسلَّمَ) فأسلَمتُ ([2]).
وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يعامل أصحابه أفضل معاملة ، يجيب دعوتهم ، ويزور مرضاهم ، ويشهد جنائزهم ، ويشاركهم في أفراحهم
_________________________(36)______________
[1])) متفق عليه : صحيح البخاري ، كتاب الإيمان ، باب عَلاَمَةِ الْمُنَافِقِ ، حديث رقم 34 . وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بَيَانِ خِصَالِ الْمُنَافِقِ ، حديث رقم 219.
[2])) سنن أبي داود ، كتاب الجهاد ، باب في الإمام يستجن به في العهود ، حديث رقم  2758 .
وأحزانهم ، ويحزن لحزنهم ، ويفرح بفرحهم ، ويقضي حوائجهم ، وهو ما عبرت عنه السيدة خديجة (رضي الله عنها) بقولها : ” إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”([1])، وها هو (صلى الله عليه وسلم) يحفظ لها عهدها ، ذلك أن عجوزًا كانت تزوره (صلى الله عليه وسلم) فيقوم لها ويكرم وفادتها ، فلما سألته السيدة عائشة (رضي الله عنها) عن سـر إكرامه لها ، قال (صلى الله عليه وسلم) : “إنها كانت تأتينا على عهد خديجة “([2]) ، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول: ” مَا أَبْدَلَنِي الله عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا ، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ ، وَرَزَقَنِي الله عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ “([3]).
وكانت الابتسامة لا تفارق وجهه الشريف بل كان كثير التبسم ، لين الجانب كما وصفه الله (عز وجل) في كتابه الكريم فقال : ” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّ الله يُحِبُّ
______________________(37)___________________
([1]) متفق عليه : صحيح البخاري  ، كتاب بدء الوحي ، باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ الله – صلى الله عليه وسلم – ، حديث رقم 3 . وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بَدْءِ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ الله – صلى الله عليه وسلم- ، حديث رقم 422 .
([2]) سبق تخريجه ص 25 .
(3) سبق تخريجه ص 25.
الْمُتَوَكِّلِينَ([1])،وكان (صلى الله عليه وسلم)أشجع الناس وقدوة في التضحية والفداء ، ومواجهة الأمور الصعبة ، فكان الصحابة (رضي الله عنهم) إذا اشتدت الحرب يحتمون خلف النبي (صلى الله عليه وسلم) ، يقول سيدنا علي (رضي الله عنه) : كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِي الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ الله (صلى الله عليه وسلم) ، فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْقَوْمِ مِنْهُ([2]).
وفي يوم حنين حين اضطرب المسلمون ، وفرَّ عدد كبير منهم ، وقتل وأصيب آخــرون ، ظل النبي (صلى الله عليه وسلم) ثابتًـا في مكانه لا يتزحزح ، يضرب بسيفه يمينًا ويسارًا ، مناديًا بأعلى صوته: ” أَنَا النَّبِي لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ”([3]) ، وما أن سمع المسلمون هذا النداء حتى عادت إلى قلوبهم الشجاعة ، والتفوا مرة أخرى حول الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقاتلون ، حتى تحقق لهم النصر.
وكان (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس ، وأكرم الناس ، وأسخى الناس ، فقد سأل رَجُل النبيَّ (صَلَّى الله عليه وسلَّمَ) غَنَمًا بيْنَ جَبَلَيْنِ ، فأعْطَاهُ إيَّاهُ ، فأتَى قَوْمَهُ فَقالَ : أَيْ قَوْمِ أَسْلِمُوا ، فَوَ الله إنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِي
____________________(38)_______________________
[1])) آل عمران: 159.                                                                                                  
[2])) مسند أحمد ، ج 3 / ص 369، حديث رقم 1363 .
[3])) متفق عليه : صحيح البخاري ، كتاب الجهاد ، باب مَنْ قَادَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِى الْحَرْبِ ، حديث رقم 2864 ، وصحيح مسلم ، كتاب الجهاد والسير ، باب فِى غَزْوَةِ حُنَيْنٍ ، حديث رقم 4715 .
عَطَاءً ما يَخَافُ الفَقْرَ ، فَقالَ أَنَسٌ : إنْ كانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ ما يُرِيدُ إلَّا الدُّنْيَا، فَما يُسْلِمُ حتَّى يَكونَ الإسْلَامُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَما عَلَيْهَا([1]).
ومن النماذج التطبيقية في حياته (صلى الله عليه وسلم) في الجود ما رواه سيدنا جبير بن مطعم (رضي الله عنه) أنَّهُ بَينا هو يَسيرُ مع رَسولِ الله (صلَّى الله عليه وسَلَّمَ) ومعهُ النَّاسُ مُقبِلًا مِن حُنَينٍ ، عَلِقَتْ رَسولَ الله (صلَّى الله عليه وسَلَّمَ) الأعرابُ يَسألونَهُ حتى اضطَرُّوهُ إلى سَمُرةٍ ، فخطِفَتْ رِداءَهُ، فوقَفَ رَسولُ الله (صلَّى الله عليه وسَلَّمَ)، فقال : أعطوني رِدائي ، فلو كانَ عَدَدُ هذه العِضاهِ نَعَمًا لَقَسَمتُهُ بينكم ، ثم لا تَجِدوني بَخيلًا ، ولا كَذُوبًا ، ولا جَبانًا” ([2]).
وعَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قالَ: خَرَجَ رَسولُ الله (صَلَّى الله عليه وسلَّمَ) بعد  فتح مكة بمَن معهُ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَاقْتَتَلُوا بحُنَيْنٍ ، فَنَصَرَ الله دِينَهُ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَعْطَى رَسولُ الله (صَلَّى الله عليه وسلَّمَ) يَومَئذٍ صَفْوَانَ بنَ أُمَيَّةَ مِئَةً مِنَ النَّعَمِ ، ثُمَّ مِئَةً ، ثُمَّ مِئَةً . قالَ ابنُ شِهَابٍ : حدَّثَني سَعِيدُ بنُ المُسَيِّبِ ، أنَّ صَفْوَانَ قالَ : والله لقَدْ أَعْطَانِي رَسولُ الله (صَلَّى الله عليه وسلَّمَ) ما أَعْطَانِي ،
______________________(39)__________________________
[1])) صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب ما سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شيئًا قط فقال لا وكثرة عطائه ، حديث رقم 2312.
[2])) صحيح البخاري ، كتاب الجهاد والسير ، باب الشجاعة في الحرب والجبن ، حديث رقم 3148.
وإنَّه لأَبْغَضُ النَّاسِ إلَيَّ ، فَما بَرِحَ يُعْطِينِي حتَّى إنَّه لأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ  ([1]).
ومن كرمه (صلى الله عليه وسلم) ما روي عن جرير بن عبد الله (رضي الله عنه) قاللما بُعث النبي (صلى الله عليه وسلم) أتيته فقال: ” يا جرير ، لأي شيء جئت ؟ ” قال: جئت لأسلم على يديك يا رسـول الله ، قال : فألقى إلي كساءه ، ثم أقبل على أصحابه وقالإذا جاءكم كريم قوم فأكرموه ” ،  وقال : وكان لا يراني بعد ذلك إلا تبسم في وجهي([2]).
 
*       *        *
 ____________________(40)____________________________
[1])) صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب ما سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شيئا قط فقال لا وكثرة عطائه ، حديث رقم 2313 .
[2])) سنن ابن ماجه ، كتاب الأدب ، بَابُ إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ: حديث رقم 384 3.

[:]