أخبار الأكاديمية محاضرات

الدكتور/ هاني تمام: مقاصد النصوص تظهر من فهمها وتدبرها ومن الأهمية توافر أدوات الفهم والاستنباط اللازمة لمعرفة مقاصد النصوص

في إطار جهود وزارة الأوقاف المصرية في نشر الفكر الوسطي وتصحيح المفاهيم المغلوطة ومواجهة الفكر المتطرف، عُقدت المحاضرة الثانية اليوم السبت 4/ 6/ 2022م بالدورة التدريبية المشتركة لأئمة وواعظات بوركينا فاسو بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين، للدكتور/ هاني تمام أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، وكانت المحاضرة تحت عنوان: “الفهم المقاصدي للسنة النبوية”.
وفيها أكد الدكتور/ هاني تمام أن النصوص الشرعية من قرآن وأحاديث نبوية لها مفاتيح لفهمها والوقوف على معانيها الصحيحة فكل نص في القرآن الكريم والسنة النبوية له مقصد، أو هدف، أو غاية، ولابد من فهم معاني النصوص الشرعية، والتفريق بين مراتب النصوص من حيث الدلالة القطعية والدلالة الظنية، فالمقصد الأساسي من النص الشرعي هو فهمه وتدبره لقول الله (عز وجل): “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا”.
مبينًا أنه لا إنكار على ما اختلف فيه والإنكار فقط على ما اتفق على قطعية الدلالة والثبوت له كتحريم الخمر مثلًا فإن جاء أحد وقال إن الخمر حلال فهذا ينكر عليه لأن تحريم الخمر ثابت بالكتاب والسنة المطهرة بأدلة قطعية الدلالة، قطعية الثبوت.
مؤكدًا أنه من الخطأ إنزال الدليل الظني منزلة الدليل القطعي، وأن وجود المذاهب الفقهية دليلٌ واضح على وجود التنوع في فهم النص الشرعي، كمثل اختلافهم في مقدار مسح الرأس في الوضوء في قوله تعالى :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”، فقد اتفقوا على مسح الرأس ولكن اختلفوا في مقدار ما يمسح من الرأس.
مشيرًا إلى أن النصوص ظنية الدلالة أكثر بكثير من تلك النصوص التي تكون دلالاتها قطعية، وفي ذلك دليل على سماحة الإسلام ويسره، مؤكدًا على أهمية توافر أدوات الفهم والاستنباط اللازمة لمعرفة النصوص الشرعية، ومنها علم اللغة العربية وهي اللغة التي نزل بها القرآن، ولا بد من الانضباط بقواعدها، إذ إن اللغة العربية تساعدنا على حل كثير من الإشكالات التي تواجهنا في فهم بعض النصوص، ولذلك يقول الله (عز وجل): “وَإنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ العالَمِينَ نـزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ”، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “أنَا أَفْصَحُ مَنْ نَطَق َبالضَّادِ بَيْدَ أنِّيْ مِنْ قُرَيْش”، مشيرًا إلى أننا نحتاج لمعرفة قواعد اللغة العربية لغلق الباب أمام المتطرفين الذين تاجروا بالدين وسفكوا الدماء مدعين كذبا أنهم يطبقون حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

.